الموضوع: بعد نزؤل المطر
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-23-2009, 04:03 AM   #1 (permalink)
.:: عضـو Vip ::.
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
المشاركات: 334
معدل تقييم المستوى: 15
القناص is on a distinguished road
افتراضي بعد نزؤل المطر




بعد نزول المطر


الحمد لله القائل : (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) نحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، حمدا يليق بكريم وجهه وبعظيم سلطانه ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله القائل : (( أفلا أكون عبدا شكورا )) صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ، الطيبين الطاهرين ، الذاكرين الشاكرين ، رضي الله عنهم وأرضاهم ، وجمعنا بهم إنه سميع مجيب .

أيها الأخوة المؤمنون :

أوصيكم بوصية الله لكم ، ولمن كان قبلكم : تقوى الله جل جلاله ، فهي وصيته لخلقه الأولين والآخرين ، يقول سبحانه : وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ )) فاتقوا الله يا عباد الله ، واعلموا بأن من نعم الله  على عباده ، ما أنعم به علينا في هذه الأيام ، نعمة المطر ، فإنزال المطر نعمة من أعظم وأجل نعم الله عز وجل ، كيف لا ، وقد أشاد الله بها في كتابه ، وذكرها في سياق الامتنان على عباده ، كما قال تبارك وتعالى :  يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تتقون ، الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ  .
ففي هذه الآيات ، يأمر جل جلاله خلقه من الأنس والجن ، بأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، ويذكرهم بأنه هو الذي خلقهم ، وهو الذي أوجدهم ، وهو الذي جعل لهم الأرض مهدا كالفراش ، وجعل لهم السماء بناء ، ثم ذكرهذه النعمة ، نعمة إنزال المطر فقال :  وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً  فيالها من نعمة عظيمة ، ويالها من منة كريمة .
ومما يدل على عظم قدر هذه النعمة ، أن الله عز وجل سماها بالغيث ، وجعلها مظهرا من مظاهر رحمته ، يقول سبحانه :  وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ  وفي سورة الأنبياء يقول :  أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ 
يقول ابن عباس  : كانت السماوات رتقا لا تمطر ، وكانت الأرض رتقا لا تنبت ، فلما خلق للأرض أهلا فتق هذه بالمطر ، وفتق هذه بالنبات .

أيها الأخوة المؤمنون :

ومما يدل على عظم نعمة المطر ، الأوصاف التي ذكر الله في كتابه ، فأحيانا يصف الله المطر بالبركة ، وأحيانا يصفه بالطهر ، وأحيانا بأنه سبب للحياة ، ونحو هذا من الصفات التي لا تليق إلا بهذه النعمة العظيمة ، يقول سبحانه :  وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ  .
ويقول :  وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا  .
ويقول أيضا :  وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ  وغير ذلك من الآيات . فالبركة والطهر وأحياء الأرض في هذا المطر يا عباد الله .

أيها الأخوة :

إننا ـ والله ـ بحاجة لشكر الله عز وجل في كل وقت وفي كل حين ، وعلى كل نعمة ينعم بها الله جل جلاله ، وخاصة في هذه الأيام ، فمن واجب الله علينا أن نشكره ، فقد سقى البلاد والعباد ، وأنزل هذا الماء الذي جعله سبب حياتنا ، فمنه نشرب ، ومنه نسقي حرثنا وأشجارنا ، منه ـ أيها الأخوة ـ وبسببه ينمو الزرع ويدر الضرع بإذن الله تعالى .
أيها الأخوة : إننا إذا لم نشكر الله على نعمة المطر ، فإننا لن ننتفع منه ، أسمعوها صريحة : إننا إذا لم نشكر الله على نعمة المطر ، فإننا لن ننتفع منه ، بل سوف يجعله الله أجاجا غير صالح للاستعمال ، يقول جل جلاله : أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا أي مالحا لا ينتفع به  فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ .
نعم ـ أيها الأخوة ـ الله عز وجل ـ والذي نفسي بيده ـ قادر أن يجعل هذا الماء مالحا ، لا ينبت زرعا ، ولا يسقي إنسانا ، ولا ينتفع به حيوان ولا غيره .
بل يستطيع جل جلاله ، أن يجعل الماء بعيدا ، لا يمكن الوصول إليه :  قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ  فلنشكر الله يا عباد الله ، نشكره على هذه النعمة ، وليكن شكرنا شكرا حقيقيا ، لا شكرا صوريا ، نشكره بألسنتنا ، ونشكره بأعمالنا ، نعمل شكرا له سبحانه ، أليس هو القائل : اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ .
ولنحذر من كفران النعم ، فإن النعم إذا شكرت زادت ودامت ونفع الله بها ، وأما إذا كفرت فإنها تزول وتنتهي ، نسأل الله السلامة والعافية .
فالله .. الله .. يا عباد الله .. اجعلوا ألسنتكم تلهج بشكر الله ، وجوارحكم تعمل بطاعة الله شكرا له سبحانه . أعانني الله وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .



الخطبة الثانية



الحمد لله كما أمر ، والشكر له وقد تأذن بالزيادة لمن شكر ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إرغاما لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الشافع المشفع في المحشر ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ، السادة الغرر ، وسلم تسليما كثيرا ما رأت عين وامتد نظر .
أما بعد ، فيا أيها المسلمون ، يقول ربكم تعالى :

 وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا 
يقول أبن كثير في تفسيره : وقوله تعالى :  وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا  . أي أمطرنا هذه الأرض دون هذه ، وسقنا السحاب يمر على الأرض ويتعداها ويتجاوزها إلى الأرض الأخرى فيمطرها ويكفيها ويجعلها غدقا ، والتي وراءها لم يُنزل فيها قطرة من ماء ، وله في ذلك الحجة البالغة ، والحكمة القاطعة . قال ابن عباس وابن مسعود ـ رضي الله عنهم ـ : ليس عام بأكثر مطرا من عام ، ولكن الله يصرفه كيف يشاء ، ثم قرأ هذه الآية : وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا  .
أي ليذكروا بإحياء الله الأرض الميتة ، أنه قادر على إحياء الأموات والعظام الرفات ، أو ليذكر من منع المطر إنما أصابه ذلك بذنب أصابه ، فيقلع عما هو فيه ، فالذنوب والمعاصي هي سبب كل شر ، وهي طريق كل بلاء . فا الله .. الله يا عباد الله ، لنحذر الذنوب والمعاصي .

أيها الأخوة المؤمنون :

وعليكم بكثرة الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى ، والإيمان بالله والتقوى .
اسأل الله لي ولكم علما نافعا ، وعملا خالصا وسلامة دائمة . اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين ، اللهم احمي حوزة الدين ، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين .
اللهم آمنا في أوطاننا ، واستعمل علينا خيارنا ، واجعل ولايتنا في عهد من خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العلمين .
اللهم إنا نسألك أن تغفر ذنوبنا ، وتستر عيوبنا ، وتسدد ديوننا ، وتنفس كروبنا ، وتحيي قلوبنا ، وتزكي نفوسنا ، وتشفي مرضانا ، وترحم موتانا ، وتعافي من ابتليته منا يارب العالمين .
اللهم أحينا سعداء ، وتوفنا شهداء ، واحشرنا في زمرة الأتقياء برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم وفقنا لهداك ، واجعل عملنا في رضاك إنك سميع مجيب .
اللهم احفظ بلادنا وولاة أمرنا وعلماءنا ودعاتنا ، اللهم وحد كلمتنا وقوي شوكتنا يارب العالمين .
__________________
الــقناص
القناص غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس