عرض مشاركة واحدة
قديم 10-09-2009, 11:41 PM   #1 (permalink)
.:: عضـو Vip ::.
 
الصورة الرمزية ابو خضران
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 335
معدل تقييم المستوى: 15
ابو خضران is on a distinguished road
افتراضي من كتاب تدبر القران للشيخ صالح بن فوزان الفوزان


تعلم القرآن وتعليمه
أولاً : يجب على المسلمين أن يتعلموا هذا القرآن ويتدارسوه ويدرّسوه لأولادهم ولإخوانهم وأن يعتنوا بحفظه وإتقان أدائه

لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه . أي تعلّم القرآن في نفسه وأتقن تعلمه ثم يعلمه لغيره من إخوانه المسلمين لا يقتصر على نفسه بل يمد خيره ويمد نفعه إلى إخوانه وإلى أبناء المسلمين .

فالمطلوب من المسلم أن يعتني بتعلم هذا القرآن، ولا يكفي من الإنسان أن يتهجى القرآن تهجيًا ما دام أنه متمكن من أن يتعلمه ويتقنه إتقانًا صحيحًا وينطق به على الوجه الصحيح ولا يكتفي بالتهجي، وإذا كان التهجي ومحاولة قراءة القرآن فيه خير كثير. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ولكن هذا لمن لا يقدر إلا على ذلك فإنه يقرأ حسب استطاعته ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، ولا يترك المسلم تلاوة القرآن مهما قدر عليها، ولكن من كان يقدر ويجد من يعلمه ويرشده إلى القراءة الصحيحة فإنه يجب أن يتعلم القراءة على الوجه المطلوب ولا يبقى على جهله بالقراءة الصحيحة قال صلى الله عليه وسلم : الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران .

الماهر المقصود به الذي يجيد قراءة القرآن على الوجه الصحيح هذا يكون يوم القيامة مع السفرة الكرام البررة؛ أي الملائكة الكرام سموا سفرة جمع سفير لأنهم سفراء بين الله وبين رسله في تبليغ الوحي وتبليغ الرسالات فهم سفراء من الله عز وجل يرسلهم إلى عباده ويرسلهم إلى أنبيائه ورسله لتبليغ الرسالات .

كرام بررة أي كرام عند الله سبحانه وتعالى ( بررة ) جمع بار من البر وهو فعل الخير وفعل الطاعة . فهذا يا أخي المسلم جزاء من يتقن قراءة القرآن على الوجه المطلوب ينال هذه الرفعة الطيبة فاحرص على أن تكون مع الكرام البررة؛ والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق فلا يترك قراءة القرآن فإنه يقرأ حسب استطاعته إلى أن يتمكن ويجد من يعلمه القراءة على الوجه الصحيح لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا





تلاوة القرآن عبادة
ثانيًا : فإذا تعلمنا القرآن وأجدنا النطق به وأجدنا أداءه فإن هذا لا يكفي بل يجب أن نتعاهد قراءته وتلاوته لأن تلاوته عبادة وفيها أجر كبير .

قال صلى الله عليه وسلم : من قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف .

وقال صلى الله عليه وسلم : تعاهدوا هذا القرآن فإنه أشد تفلتًا من الإبل في عقلها . والمقصود أكثروا من تلاوة هذا القرآن، فالإنسان إذا غفل عن القرآن ومضى عليه مدة وهو لم يتل يصاب قلبه بالإعراض والغفلة والقسوة، أما إذا أكثر من تلاوته فإنه يحيي قلبه ويجلي ذاكرته .

ولهذا ينبغي للمسلم أن لا يمر عليه شهر على الأقل إلا وقد قرأ القرآن كله - هذا هو الحد الأخير - وإن قرأه فيما هو أقل من ذلك في كل عشرة أيام مرة بحيث يختمه في الشهر ثلاث مرات فهذا حسن .

وإذا قرأه في كل سبعة أيام فهذا أحسن .

وإذا قرأه في كل ثلاثة أيام مرة فهذا أحسن .

فإنه كلما زاد من تلاوة القرآن زاد أجره واستنارت بصيرته وحياة قلبه .

وتلاوة القرآن مُيسّرة سواء كانت تلاوة مجردة عن الصلاة بأن يتلو الإنسان القرآن وهو جالس أو راكب أو مضجع متوضئ أو غير متوضئ من غير مسّ للمصحف في حالة عدم الوضوء، أما من عليه حدث أكبر فلا يقرأ القرآن حتى يغتسل، ويتلوه في الصلاة وهذا أفضل أو يتلوه في قيام الليل أو التهجد قال الله سبحانه وتعالى : إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا .

فالذي يتلو القرآن في صلاة الليل أفضل من الذي يتلو القرآن وهو جالس أو في النهار وإن كانت قراءة القرآن في أي وقت عبادة عظيمة لكنها تتفاضل وتتفاوت بحسب الأوقات والأحوال .

وكلما أكثر الإنسان من تلاوة القرآن في صلاة الفريضة في الركعتين الأوليين من الرباعية والثلاثية أو في صلاة الفجر فإنه كلما أطال فإن ذلك أفضل؛ ولذلك سمى الله القرآن صلاة قال الله تعالى : وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا .

والمقصود لا تجهر بالقرآن في صلاتك ولا تخافت به، كما أن الله سمى الصلاة قرآنًا كما في قوله تعالى : وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ .

فسمى صلاة الفجر قرآنًا لأنها تطول فيها القراءة أكثر من غيرها .

الحاصل من هذا كله أن الله سبحانه وتعالى يطلب منا ويأمرنا أن نقرأ القرآن وأن نكثر من تلاوة القرآن في صلاتنا الفريضة والنافلة وفي بقية أحوالنا سواء كنا جالسين أو راكبين أو مضجعين، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن على غالب أحواله ولم يكن يمنعه من تلاوة القرآن إلا الجنابة، وكذلك لا يجوز قراءة القرآن في حالة الحيض للمرأة أو النفاس لأن هذا حدث أكبر يمنعها من تلاوة القرآن إلا عند الضرورة، ولا يجوز قراءة القرآن في الأماكن النجسة والقذرة كالحمام . أما الأماكن النظيفة والأماكن الشريفة الطاهرة المناسبة فينبغي للإنسان أن يقرأ القرآن كلما تمكن من ذلك سواء قرأه عن ظهر قلب أو قرأه من المصحف ليكون له حظ من أجر التلاوة التي أخبر عنها صلى الله عليه وسلم : من قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف . وفي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم : ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله في من عنده .

وكذلك قوله سبحانه وتعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ .

مدحهم الله على هذه الصفات وأولها أنهم يتلون كتاب الله عز وجل بمعنى أنهم يقرؤونه ويكثرون من قراءته طلبًا للأجر والثواب واحتسابًا لوعد الله سبحانه وتعالى ثم يعملون به فيقيمون الصلاة وينفقون مما رزقهم الله سرًّا وعلانية رجاء ثوابه .




التدبر والتفكر في معانيه وأسراره
ثالثًا : لا يكفي منا أن نتعلم القرآن الكريم وأن نتلوه ونكثر من تلاوته، لا يكفي هذا بل لا بد من التدبر والتفكر في معانيه وأسراره وما عرفنا به من أسماء الله وصفاته وعظمته، وما قصه علينا من أخبار الأمم السابقة المؤمنين والكافرين .

وما حلّ بالمكذبين والمجرمين وما أكرم الله به المؤمنين الطائعين وكذلك نتدبر أخباره عن اليوم الآخر وما فيه من الحساب وما فيه من وزن الأعمال وما فيه من تطاير الصحف وما فيه من الجنة والنار وما فيه من الأهوال العظيمة وكذلك نتدبر ما يكون بعد الموت وما يكون في القبر ، ولقد ذكر لنا القرآن هذا مفصلاً وهو أمر مستقبل نحن قادمون عليه من أجل أن نستعد له بالأعمال الصالحة ونتجنب الأعمال المحرمة . وكذلك نتفكر في أحكامه الشرعية فقد بيّن ما يحل لنا ويحرم علينا وما ينبغي لنا وما لا ينبغي لنا من الأفعال والصفات وغير ذلك .

قال الله سبحانه وتعالى : كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ .

فبيّن الله في هذه الآية الهدف من إنزال القرآن وهو أن نتدبر آياته بمعنى أن نتفكر في معانيها ومدلولاتها وأسرارها وأخبارها حتى نستفيد منها الهداية ونستفيد منها خشية الله سبحانه وتعالى وعبادته وحده لا شريك له ونعرف ما نأتي وما نترك من الأعمال والأقوال والمعاملات وغير ذلك ولا يتم هذا ولا يحصل إلا بتدبر القرآن .

ووصف الله تعالى القرآن بأنه مبارك ففيه البركة بكل معانيها فمن يتدبره يحصل على هذه البركة، ومن تعلمه يحصل على هذه البركة، ومن قرأه وتلاه يحصل على هذه البركة، ومن عمل به حصل على البركة، وكلما قربت منه حصلت على هذه البركة .

وقال سبحانه وتعالى : أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا . فالله يستنكر على هؤلاء الذين أعرضوا عن كتاب الله عز وجل وأنه قد سبب لهم هذا الإعراض الحيرة والضلال ولو أنهم تدبروا كتاب الله وأقبلوا عليه وتأملوا فيه لحصلت لهم الهداية ولانتقلوا من حالة الشقاء إلى حالة السعادة . ولو تدبروه لعرفوا أنه كلام الله لأنه لا يتناقض بل يصدق بعضه بعضًا ويفسر بعضه بعضًا ويشبه بعضه بعضًا في الحسن والبلاغة والصدق والإعجاز . فليس فيه اختلاف بل يصدق بعضه بعضًا ويوضح بعضه بعضًا ويؤيد بعضه بعضًا فهو كتاب متآلف ومتشابه قال الله سبحانه وتعالى : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا . أي يشبه بعضه بعضًا في الحسن والإتقان والصدق ويفسر بعضه بعضًا وليس فيه اختلاف أبدًا .

بخلاف كلام المخلوق فإنه يوجد فيه الخلل لأن المخلوق ناقص وفيه تناقض وربما يكذب بعضه بعضًا، أما كلام الخالق جل وعلا فإنه منزه عن ذلك هو كتاب متقن محكم ليس فيه خلل وليس فيه نقص وليس فيه تناقض مما يدل على أنه تنزيل من حكيم حميد . قال الله تعالى : كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ .

فإذا قرأت القرآن بتدبر وتمعن وحضور قلب وتفكر في معانيه فإنه يزيل عنك أوهامًا كثيرة ووساوس عظيمة ويبعث في قلبك الطمأنينة ويقوي فيك الإيمان قال تعالى : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا .

فتلاوة القرآن مع تدبره والتفكر فيه تزيد في إيمان العبد قال تعالى : فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ .

وكلما أكثر الإنسان من تدبر هذا القرآن فإنه يزيد إيمانه ويزيد يقينه ويطمئن قلبه ويزيد علمه وفقهه . فإنه لا يشبع منه العلماء . ولا تفنى عجائبه . ولا يخلق من كثرة الرد .

وقال سبحانه وتعالى في الرد على المرتدين والزائغين : فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ .

ولو أنهم تدبروا القرآن لزالت عنهم كل هذه الأمراض وهذه العوارض القبيحة، ولوصلوا أرحامهم، ووصلوا ما أمر الله به أن يوصل، ولأطاعوا الله ورسوله، ولكنهم لما أعرضوا عن القرآن ولم يتدبروه ابتلوا بهذه المصائب؛ فابتلوا بالقطيعة، وحقت عليهم اللعنة، ووقعوا في الردة . كل ذلك بسبب أنهم لم يتدبروا القرآن .

وأغلقت قلوبهم عن الفهم : أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا . فالإنسان إذا أعرض عن القرآن فإن قلبه يقسو ويمرض وفي النهاية يقفل فلا يصل إليه الهدى ولا النور عقوبة له والعياذ بالله كل هذا بسبب عدم تدبر القرآن الكريم ولهذا يقول الإمام ابن القيم رحمه الله :






صيانته عن تفسيره بغير علم
خامسًا : يجب أن يصان القرآن الكريم عن أن يفسر بغير علم . قال صلى الله عليه وسلم : من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار قال الترمذي هذا حديث حسن. فالقرآن يجب أن يفسر بالقرآن، أو بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بأقوال الصحابة أو بأقوال التابعين، أو بما تقتضيه لغة العرب التي نزل بها، هكذا على الترتيب المذكور، أما تفسير القرآن بالرأي فحرام وعليه وعيد شديد وهو من القول على الله بلا علم .


ومن ذلك تفسيره بالنظريات الحديثة التي هي في الغالب من تخرصات الجهال وهي تتناقض وتتغير ويكذب بعضها بعضًا، فلا يجوز أن تجعل تفسيرًا لكتاب الله عز وجل كما يفعله بعض الجهال اليوم فيما يسمونه بالإعجاز العلمي، فإن هذا الأمر جد خطير، وهو من التلاعب بكتاب الله عز وجل فالواجب على المسلمين الحذر من ذلك والتحذير منه. وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

__________________
ابو خضران غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس